الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صعوبة النطق عند المراهقين: نصائح وتوجيهات للعلاج.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابني في سن السابعة عشرة، ويعاني من صعوبة في النطق، خاصة في المجتمعات التي يتواجد فيها عدد كبير من الأشخاص، وكذلك عندما يتحدث عبر الهاتف، علمًا بأنه يكون عصبيًا أحيانًا وحساسًا.

فهل يوجد علاج لهذه المشكلة؟ وبماذا تنصحوننا بشأن ذلك؟

جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/.. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإذا كنت تقصد بصعوبة النطق، أنه مصاب بالتأتأة فهذا كثيرًا ما يكون مرتبطًا بالقلق، وبما أنه يجد صعوبة في التجمعات، فهذا دليل أن القلق النفسي هو العامل الرئيسي في التأتأة، أو صعوبة النطق التي يعاني منها.

أما إذا كنت تقصد بصعوبة النطق: هو وجود علة في إخراج بعض الكلمات مثلًا دون غيرها، فقد تكون أسبابها أسبابًا أخرى، وليست التأتأة المعروفة، والتي كما ذكرنا تكون غالبًا مرتبطة بالقلق.

وأنا أكثر ميولًا أن هذا الابن يعاني من التأتأة؛ لأنك ذكرت أنه عصبي، ولأن العلة تظهر عليه أكثر في مجتمع فيه عدة أشخاص، وما أريده منك أولًا أن تعرف أن التأتأة أكثر انتشارًا بين الذكور، وبعض الأسر فيها هذه الحالات أكثر من غيرها، لا نقول إن الوراثة المباشرة تلعب دورًا أساسيًا، ولكن ربما تهيء الشخص، أو تجعله أكثر استعدادًا لهذه العلة.

أولًا: أريدك أن تكون مطمئنًا على ابنك، ولا تكون منتقدًا له، فهذا أمر ضروري جدًا، وأنت -بفضل الله- ليست هناك فجوة جيلية بينك وبين ابنك، فقد رزقك الله به في سن مبكرة، فأنت الآن في سن خمسة وثلاثين، وهو في السابعة عشرة، وهذا يجعل الفجوة بينكما ضيقة أو قليلة.

لذا احرص على أن تُشعر ابنك دائمًا بقيمته وبمكانته داخل الأسرة، وأشعره بأنه شخص فعّال ومن صميم العائلة، وأن له دورًا في إدارة شؤونها، هذا مهم جدًا؛ لأن التهميش أو الشعور بأنه يعيش على هامش الأسرة قد يفقد الشاب ثقته بنفسه، ويجعله أكثر قلقًا، ويُضعف من شعوره بالانتماء وهويته، مما ينعكس سلبًا على صحته النفسية، وهذه نصيحة عامة أرجو أن تأخذ بها؛ فهي ستكون عونًا كبيرًا لابنك، وتساعده كثيرًا.

ثانيًا: أرجو أن لا ينتقد بسبب التأتأة، بل يُعطى الثقة في نفسه، ويساعد بأن تتاح له الفرصة بأن يتحدث ببطء، وأن لا نساعده حين يجد صعوبة في نطق الكلمات، بمعنى أن بعض الناس حين تنقطع الكلمات لدى الشخص المصاب بالتأتأة؛ يحاولون إكمال هذه الكلمات أو الجُمل له، وهذا خطأ كبير، نرجو أن لا تقوموا بذلك.

ثالثًا: بما أنه يعاني من شيء من الخوف والرهاب الاجتماعي، فمن المهم أن نعيد ثقته بنفسه، من خلال إشراكه في المناسبات الاجتماعية، وكذلك النشاطات الأسرية، وكما ذكرت أن نوكل له بعض المهام، هذا يجعله يثق في نفسه كثيرًا.

رابعًا: أرجو أن ندربه بأن يتكلم بصوتٍ عالٍ، وعليه أن يقرأ القرآن ببطء وتؤدة، وحبذا لو قرأ على أحد المشايخ؛ لأن التجويد في حد ذاته يزيد من ملكات الإنسان فيما يخص اللغة والنطق، فأرجو أن تساعدوه على ذلك.

الجزء الأخير من العلاج: هو العلاج الدوائي، فهنالك أدوية تساعد في امتصاص الغضب والقلق والتوتر والرهبة الاجتماعية، من أفضل هذه الأدوية دواء يعرف تجاريًا باسم (زولفت ZOLOFT)، ويعرف تجاريًا أيضاً باسم (لسترال LUSTRAL)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين SERTRALINE)، هذا الدواء يناسب ابنك وعمره، وهو دواء جيد لعلاج أعراض الخوف والقلق والتوتر.

أرجو أن يبدأ في تناول الدواء بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا، أي نصف حبة يوميًا، يستمر عليها لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة، ويستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض إلى نصف حبة يوميًا، ويستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك يمكنه أن يتوقف عن الدواء، وهذا الدواء لا يسبب أي إدمان أو تعود، وليس له أي آثار جانبية خطيرة.

أرجو أن تتيح لابنك فرصة التواصل مع أقرانه، كأن يمارس معهم كرة القدم، وكما ذكرت لك دعه يذهب لأحد المشايخ، أو أن ينضم إلى حلقة من حلقات التلاوة، واجعله يقلد ويتخذ قدوة من أحد الأشخاص الذين يتميزون بحسن الخطابة، فيمكنه أن يقلد أحد المذيعين مثلًا، أو أحد المشايخ، هذه كلها تعطي الإنسان فرصة جيدة حقيقة لأن يتخلص من صعوبات النطق هذه.

في بعض الأحيان تكون مقابلة أخصائي أو خبير في التخاطب جيدة جدًا، فأرجو أن تطبق ما ذكرناه سابقًا من إرشادات، وإذا لم يتحسن ابنك فأنصح حقيقة بالذهاب به إلى أخصائي التخاطب؛ لأن أخصائي التخاطب يمتلك فنيات وسبل ووسائل تساعد على تحسين النطق.

نسأل الله تعالى لابنك أن يحل هذه العقدة من لسانه، وأن يشرح صدره، وأن ييسر أمره.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً