الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف من الأماكن المزدحمة وتعرق أثناء الحديث مع الناس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع الجميل.

أنا شاب أبلغ من العمر 22 عامًا، وأعاني من ضعف في الشخصية، كما أشعر بالخوف من الأماكن المزدحمة إلى درجة أنني لا أستطيع المكوث فيها ولو لفترة قصيرة، ويصيبني التعرق عند التحدث إلى الناس.

عملي يتطلب التواجد في أماكن بها تجمعات من الناس، لكنني لا أستطيع ممارسة عملي بسبب هذا الخوف، وغالبًا ما أعزل نفسي وأفضل الجلوس بمفردي، وأميل إلى الاستسلام للآخرين لإرضائهم.

ينتابني شعور بالاحتقار لنفسي بسبب الطريقة التي يعاملني بها بعض الناس، والتي كثيرًا ما تكون جارحة ومؤلمة لمشاعري، وكأنهم لا يريدون مني سوى مصالحهم فقط.

أرغب بشدة في الخروج من هذه الدائرة، وأن أكون معتزًا بنفسي، واثقًا في كل خطوة أخطوها في حياتي، وأطمح لاكتساب شخصية قوية ومتزنة.

أرجو منكم أن تنصحوني بكتب مفيدة تساعدني على تطوير نفسي، وأسأل الله عز وجل أن يسدد خطاكم، ويبلغكم جنته. اللهم آمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن الخوف من الأماكن المزدحمة هو نوع من المخاوف النفسية المرتبطة بما يسمى برهاب الساحة، وتجده أيضا مرتبطًا برهاب آخر يسمى بالرهاب الاجتماعي، ويظهر أن لديك درجة بسيطة من هذه الأنواع من المخاوف.

أما ما وصفته بضعف الشخصية؛ فهو من وجهة نظري -ومع تقديري الشديد لشخصك الكريم- أنه مفهوم خاطئ لا يساعدك أبدًا، وأعتقد أن المخاوف هي التي جعلتك تقلل من شأن نفسك ومن مقدراتك، وتعتقد أن شخصيتك ضعيفة، وأنا لا أتفق معك وأقول لك: يجب أن تزيل هذا المفهوم من تفكيرك، هذا الخوف بكل صفاته وسماته هو الذي جعلك تشعر بمثل هذا الشعور.

لعلاج الخوف أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي؛ لأن العلاج الدوائي سوف يزيل منك -إن شاء الله- القلق، ويجعلك أكثر مقدرة على التفاعل الاجتماعي، والتواجد في الأماكن المزدحمة، ولكن العلاج الدوائي يجب أن تدعمه أيضًا بالعلاج السلوكي.

من أفضل الأدوية التي تساعد في علاج حالتك دواء يسمى علميًا باسم (باروكستين PAROXETINE)، ويعرف تجاريًا باسم (زيروكسات SEROXAT)، أرجو أن تبدأ في تناوله، وجرعته هي عشرة ملج نصف حبة يوميًا، تناولها بعد الأكل، استمر عليها لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هناك نوع من الزيروكسات يسمى (SEROXAT SR)، لا بأس إذا أردت أن تتناوله بديلًا للزيروكسات العادي، والجرعة هي (12,5) ملج يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تحول إلى خمسة وعشرين ملج يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم (12,5) ملج يوميًا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.

بجانب الزيروكسات سيكون من الأفضل أن تتناول دواءً آخر بسيطًا كدواء مدعم، هذا الدواء يعرف باسم (دينكسيت DEANXIT)، تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، هذا هو العلاج الدوائي، وهذه أدوية جيدة ومفيدة، ويعرف عنها أنها تزيل القلق الاجتماعي -إن شاء الله-.

أما بالنسبة للعلاج السلوك: فأريدك أولًا وكما ذكرت لك أن تعيد تقييم شخصيتك، وتتخلص من هذا المفهوم السلبي، وهو الاعتقاد أن شخصيتك ضعيفة.

الإنسان المسلم المؤمن يجب دائمًا أن يضع تصورًا إيجابيًا عن نفسه، وأنت إذا نظرت إلى نفسك بدقة وحيادية، ودون أن تظلمها سوف تجد أنه لا ينقصك أي شيء عن الآخرين، -فيا أخي- حاول أن تبني تصورًا إيجابيًا عن نفسك، وتتخلص من هذا التصور السلبي.

الشعور بقوة الشخصية يأتي للإنسان بالإنجازات، والإنجازات تأتي بالإرادة، والإرادة تدعمها الفعالية والإدارة الجيدة للوقت؛ الذي أريد أن أصل إليه هو أن تدير وقتك بصورة جيدة، وأن تكون مفيدًا لنفسك والآخرين، وهذا يعطيك -إن شاء الله- قوة وعزة في نفسك.

أنصحك بأن تطور من شبكتك الاجتماعية، التواجد مع الآخرين مهم جدًا، ابدأ بمن تطمئن لهم، الأصدقاء، الجيران، الأرحام، إخوة المسجد؛ هؤلاء تطمئن لهم تمامًا، ومن خلالهم تستطيع -إن شاء الله- أن توسع من شبكة علاقاتك الاجتماعية، وهذه من وجهة نظرنا هي أفضل وأحسن طريقة لعلاج الخوف أيًّا كان نوعه.

ممارسة الرياضة الجماعية جيدة جدًا، وتفيد الناس، فلا تحرم نفسك منها؛ فهذه الإرشادات بالرغم من بساطتها إلا أنها مفيدة جدًا، وأنصحك بالطبع بتناول الدواء.

هنالك كتب كثيرة، ومن أفضلها كتاب دانيال كارنيجي (لا تقلق وابدأ الحياة)، وكذلك كتاب الدكتور الشيخ عائض القرني (لا تحزن)، وهنالك كتاب للدكتور بشير صالح الرشيدي من الكويت يسمى (التعامل مع الذات)، وهو كتاب جيد أيضًا، وهنالك كتب كثيرة تحت ما يعرف بـ(التنمية البشرية)، من وجهة نظري الموضوع واضح جدًا، ولا يحتاج لكتب أو لاطلاعات كثيرة.

الأمر هو أن الإنسان يجب أن لا يجحف في حق نفسه حين يقيمها، انظر إلى مصادر القوة فيها، وحاول أن تتخلص من مصادر الضعف، واجعل لحياتك معنىً وهدفًا، وكن نافعًا لغيرك ولنفسك، ودائمًا انظر للآخرين نظرة محايدة، بمعنى أنهم ليسوا بأحسن منك، وعليك بالانخراط في العمل وفي المعارف وفي التواصل الاجتماعي، وممارسة الرياضة، وإدارة الوقت بصورة جيدة، نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً