السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 32 سنة، أعيش مع عائلتي في جو هادئ نسبياً.
لدي مشكل نفسي جعل حياتي متوقفة، وسأحاول أن أسرد عليكم أهم المراحل التي مررت بها لتتمكنوا من تشخيص حالتي بطريقة واضحة.
في طفولتي تعرضت للكثير من الضغوط النفسية أهمها العنف الجسدي القاسي في البيت من طرف أخي الأكبر، بالإضافة إلى معاناتي في المدرسة من العنف النفسي بسبب اختلافي العرقي عن بقية التلاميذ.
لكني تعايشت مع الأمر في تلك المرحلة، ولم تبدأ المشاكل النفسية في الظهور إلا في فترة المراهقة وما بعدها، وبدأت على شكل خجل وفقدان الثقة بالنفس والميل إلى الانطواء وكآبة؛ ما دفعني إلى مغادرة الدراسة والتدخين، وتعاطي بعض المخدرات لمدة سنتين تقريباً، تم أقلعت عنها بعد أن اقتنعت بأنها أصبحت تشكل عليَّ عبئاً نفسياً إضافياً.
وفي صباح أحد الأيام استيقظت كالعادة للذهاب للدراسة في أحد المعاهد، ولكن فجأة وبدون مقدمات أحسست كأن الدنيا أظلمت في عيني، كأني أحلم بكل ما يدور حولي، ودقات قلبي تتسارع مع هلع داخلي فظيع، وفي الليل لا أنام إلا بصعوبة، وبدأت أعاني في صمت، وكنت أحاول أن لا أظهر أي شيء لأحد ما عدا والدتي أخبرتها بما أعانيه، وكانت بدورها لا تعلم شيئاً عن الأمراض النفسية، ونصحتني بأن أسلم أمري لله وأن أصلي وأدعو.
المهم زرت بعض الفقهاء، ولم أزر أي طبيب، ولم أتناول أي أدوية، وبقيت هذه الحالة لمدة عام تقريباً مرت علي كأنها مئة عام، ومع مرور الأيام بدأت تخف في حدتها تدريجياً، فزال الخوف الداخلي، وزالت تلك الحالة السوداوية، لكن ما يلازمني إلى اليوم هو الشعور بالانزعاج الداخلي، وبالملل والإحباط والميل إلى الوحدة، وعدم الرغبة في كثرة الكلام، وبعض المشاكل في الذاكرة، وصعوبة في التركيز واتخاذ القرارات، وأصبحت أسهر إلى وقت متأخر من الليل، ولا أستيقظ في الصباح مع صعوبة في بداية النوم، والتعب بعد الاستيقاظ.
وكل هذه الأعراض تختلف في حدتها حسب الظروف، فحين أكون في الوضع الذي اعتدته مع الناس الذين أرتاح إليهم، وطريقة النوم المعتادة، تكون هذه الأعراض خفيفة جداً، ولكن حين اضطر إلى مواجهة مواقف معينة، أو العمل طويل الأمد، أو الالتزام بنظام مخالف لما اعتدته، أو السفر، أو أي شيء يجعل تفكيري منشغلاً؛ يسيطر علي الشعور بالتوتر وعدم القدرة على التركيز، وعدم القدرة على النوم بسهولة؛ ما يجعلني أدخن بشراهة، وأحس بحزن وأكره كل شيء.
وفي بعض الحالات التي يكون فيها التوتر قوياً أحس كأني أعود إلى الحالة الأولى، كأني أحلم وصدري يضيق، ما يجعلني أضطر إلى ترك كل شيء، أو الإسراع في إنجاز العمل في أقصر وقت للعودة إلى روتيني العادي الذي يمنحني بعض الراحة النفسية.
وهذه الدوامة جعلت حياتي متوقفة ورهينة بوضع معين، ما يجعلني غير راض عن نفسي، وهذا يدفعني أحياناً للتفكير في أن الموت هو الخلاص من هذا الوضع، فأنا أطمح للعيش بطريقة عادية؛ لكني أحس أني مكبل.
أريد أن أعرف: ما هي حالتي؟ وهل لها علاج؟
أرجوك يا دكتور؛ ساعدني جزاك الله خير الجزاء، وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك.